في أيقونة الأحساء التاريخية، توافد أكثر من 10 ألاف زائر، اكتظت بهم جنبات المباني الطينية في سوق القيصرية، استقبلهم أنغام الطبول وأهازيج الفلاحين القديمة، حيث تعالت أصوات الفنون الشعبية الأصيلة المعبرة عن النصر والفرح وسط الهفوف التاريخية، في مشهد تراثي وثقافي واجتماعي، متحدين بذلك أجواء الشتاء القارصة، وسط العديد من الفعليات التي نظمتها أمانة الأحساء بالتعاون مع محافظة الأحساء والهيئة العامة للسياحة.
سوق القيصرية تحول إلى عرس أحسائي، عبر إنارته الملونة، التي تشكلت على بوابته الشامخة، وجدرانه الطينية، وأروقته التي تفوح برائحة الماضي، ليروي المهرجان قصصٍ وحكايات، لتراث متوارث سطرته الأحساء عبر مئات السنين عبر أيقونة الأحساء العمرانية، وجهها الاقتصادي، وساحتها التجارية، المعبرة عبر حياتها الاجتماعية القديمة.
وأكد أمين الأحساء المهندس عادل الملحم، بأن مهرجان سوق القيصرية، هو تأكيد لاستمرارية العطاء السياحي في المحافظة على المخزون التراثي والثقافي، فالأحساء هي عاصمة للسياحة العربية 2019، إضافة إلى عالميتها كمواقع تراثي في اليونسكو وعضواً في شبكة المدن المبدعة في اليونسكو بمجال الحرف اليدوية والفنون الشعبية، مما يعطيها أهمية ومسؤولية في استمرارية العطاء والجذب السياحي، لتكون بذلك منبرا للتراث شرق مملكتنا الغالية.
وأضاف المهندس الملحم بأن سوق القيصرية يعد أكبر سوق في منطقة الخليج العربي قديماً، وحتى على مستوى المقاييس الحديثة، يبقى مركزاً تجارياً على الرغم من النمو العمراني حوله ووجود الأسواق الحديثة.
وتُقدر المساحة الاجمالية للسوق بحوالي 7000 متر مربع، تضم 420 حانوتاً "محل"، ويأتي بناء سوق القيصرية بتصميم معماري يمثل نموذجاً فريداً على مستوى الجزيرة العربية، على هيئة صفوف من المحلات التجارية، تتخللها شبكة من الممرات المغطاة المتقاطعة المنطلقة من جانبي السوق أو من واجهته، ولم يكن التصميم المعماري لسوق القيصرية دخيلاً على الأحساء، بل هو مرتبطٌ بالنسيج العمراني العام، وأحد ملامح الهوية المعمارية الإحسائية.
في الوقت نفسه، أكد مشرف البرامج الفعاليات والبرامج في أمانة الأحساء زياد بن خليل المقهوي، أن المهرجان حوى على عروض الحرف اليدوية والفنون الشعبية الإحسائية، منها العرضة ولليوة ودزة المعرس التي تجوب أركان القيصرية، إضافة إلى عروض الفن التشكيلي الذي يعتبر رافدا للتعبير عن التراث ومخزون الأحساء الثقافي، كما خصص المهرجان عروض لفن المجيلسي الشعبي، الذي حظي بتوافد العديد من الزوار وسط تفاعل جماهيري جميل، يؤكد عشق الإحسائيون لفنونهم القديمة الشعبية، لنحقق بذلك التوارث من الجيل القديم إلى الجيل الجديد وغرس تلك الهوية الجميلة.